كل المقالات بواسطة alkachiv

ناشط موريتاني ومدون ، أمارس بعض الحق في بعض الصراخ ، أحاول لمس الجرح. اكتب على مدونتي وحساباتي على التواصل الاجتماعي مواضيع أكبر مني حول حق الحياة والكرامة ، كاتب في موقع الأصوات العالمية

عام على سجن بيرام وابراهيم

 

 

قبل البدء في هذا المقال من المهم عندي تبيين وجهة نظر حول قناعتي الراسخة أن أي حل لقضية الحراطين أو أي قضية وطنية من فقر وهشاشة وجهل وتخلف وقضايا الأقليات وشتى أنواع التهميش والظلم الواقعة في هذا البلد تمر مبدئيا بإيجاد وخلق الإطار القادر والقابل على حلها وهو ما لا يمكن أن يوجد في ظل الدولة الحالية، دولة العسكر والقبيلة. لا مكان لأي حل في ظل هذه الدولة إلا اذا كان انتاج أنماط مشابهة تعمق أصل المشكلة ، لأنها هي أصل المشكلة الكبرى للوطن انطلاقا من المحسوبية والقبلية والجهوية واستغلال الجيش وقوته في النزعات والنزوات الشخصية لكل انقلابي نجح انقلابه، إن نفس النظام الذي نناضل داخله اليوم هو الذي أضفى أبعادا جديدة على مشاكل كانت عالقة وعمقها وراهن عليها في استمراره.

1

biram aleg

تمر الذكرى الأولى للحكم بسجن رئيس حركة إيرا بيرام ولد اعبيد و نائبه ابراهيم بلال لسنتين بعد مشاركتهما في تظاهرة (مرخصة) ضد ما حالات من العبودية العقارية..

منذ لحظة الاعتقال كثرت ردود الأفعال وتمايزت التفسيرات والاعتبارات أمام هذا الحدث الذي ينبئ أولا بالتهديد الكبير الذي مس ساحة الحريات العامة في البلد والتي شهدت تقدما في العقد الأخير نتيجة لنضالات الموريتانيين المريرة والمتراكمة.

من الضروري التأكيد على أن ذلك التقدم في الحرية لم يكن حقيقيا : أي لم يكن مؤسسا على مبادئ ثابتة فوق كل السلطات وملزمة لها، فقد صرح ذات يوم الجنرال عزيز ذات مرة أن “كهولة” المعارضة يستفزونه لكي يعتقلهم لكنه لن يفعل ذلك معطيا لنفسه (البوليسية) حق القيام بتقييد الحريات من عدمه متى شاء وهو ما يؤكد أن ما يوجد من الحرية حتى الآن ليس حرية قيمية معتمدة على بناء مؤسسي في موريتانيا وإنما وقف تنفيذ القرار الجنرالي بحبس الحريات .

إن تباين الآراء والمواقف من الحدث أظهر جانبا مؤسفا من سهولة تخلي بعضنا عن قيم عليا كقيمة الحرية كحق أساسي لكل إنسان، وأوضحت أيضا سهولة انجراف بعضنا إلى ما تمليه عليه عواطفه لأول وهلة وضعف حضور التحري والمنطق و الحق كعوامل أساسية في بناء مواقفنا.

ساهم الكثير من الذين قابلتهم أو قرأت لهم أو اطلعت على ردودهم على صفحات التواصل الاجتماعي في محاكمة روصو الهزلية عن طريق محاكمات ذهنية وعاطفية إن لم أقل عنصرية، ومن المثير للسخرية أن التهم التي قدمها جماهير “المرافعين العاطفيين” كانت مختلفة عن التهم التي قدمتها المحاكمة السياسية ورغم ذلك فقد اتفقوا مع الحكم.

2

لقد حوكم بيرام من قبل أفراد ينتمون لبعض فئات المجتمع بمجموعة من التهم من بينها العنصرية والخطاب التقسيمي والدعوة إلى الحرب الأهلية، ورغم أن عمل بيرام كمناضل حقوقي ضد الاستعباد ومخلفاته وانطلاقا من قسوة ذلك الإرث وتجذره ثقافيا واجتماعيا وارد فيها – جدا- أن يكون أي خطاب ناعم غير مجدي بالمرة في حلحلة ذلك الواقع.

لكن الشخص الذي أذكر أنه لمح إلى الحرب الأهلية واستخدام السلاح لم يكن بيرام، بل هو داود ولد أحمد عيشة الذي يتجول اليوم في سيارته من نوع V8 – حسب آخر مرة رأيته فيها –  ويلقى خطابه رواجا كبيرا بين الفتية المتأدلجين بنعرات وغباءات القبيلة.

إن الذي أعطى لخطاب بيرام وقعا وتأثيرا هو وضوح وجلاء القضية التي يتحدث عنها، فحالات العبودية تكتشف يوميا ونفس المحاكمة الهزلية التي حاكمت بيرام بقوانين ما تحت الطاولة هي ذاتها التي تحاكم المستعبدين الذين يمسكون متلبسين بحالات استعباد واضحة ويحاكمون بنفس قوانين ما تحت الطاولة (إطلاق سراحهم غالبا) ، كما أن الوضع الكارثي الذي تعيشه شريحة الحراطين من فقر وتهميش وتغييب في شتى المجالات .. نعم الشعب الموريتاني بشكل عام يعيش تحت الفقر والتهميش والتغييب أيضا، لكن هذا يجعل لا يجعل إشكالية الحراطين غير واردة كحالة خاصة، فهم الشريحة التي كانت مهمشة تاريخيا وزادها تهميش وتغييب بقية أفراد الشعب بشكل كامل تهميشا أكبر.

من البديهي أن الأرقاء السابقين الذين تم تحريرهم كان استغلال عرقهم وسخرتهم في تراكم ثروة الاستعباديين غير معوض وبالتالي فقد تم تسريحهم من العبودية بلا رصيد ودون أي تعويض .. وهو ما يجعل الفقر والتهميش مسألة حتمية وبديهية لا يحتاج فهمها وقبولها أي قدرات تحليلية .

إن معيار لغة الكراهية التي اقترحها البعض كتهمة في تلك المحاكمة العاطفية لبيرام، وهي عبارة عن مفهوم غاية في النسبية خصوصا أنها تهمة استخدمت ضد كل من طالب بحق لم تكن المنظومة الاجتماعية الطاغية معترفة به، إن أي لغة مطالبة بالحقوق بالنسبة للمجتمعات “المحافظة” هي لغة كراهية فيما تمر لغة الكراهية الحقيقية بشكل مقبول تماما (مثال يحظيه ولد داهي*) .

 

إن قضية لحراطين ستظل قضية جوهرية وساخنة في الساحة لأنها قضية حقيقية تمتد بجذورها وواقعها في المجتمع تاريخيا، وسيبقى للتاريخ والزمن أن تقييد الحريات وضيق الباع في تقبل بعضنا لبعض لن يبقى منه للزمن والذكريات إلا طبيعته المخجلة المسيئة لاحترام المجتمع لذاته .

 

ــــــــــــــــــــــــ

* يحظيه داعية ديني أفتى بردة بعض الناشطات الحقوقيات وجواز قتلهن

بيير مسافرا عبر العالم

في الأيام القليلة الماضية قابلت شابا من كوريا الجنوبية يدعى بيير 25 عاما، يحمل حقيبة ظهر وكمبيوتر (ماك) وقصة حول عشرات آلاف الكيلومترات التي قطعها في سفر ه حول العالم.
بدأ بيير بالتخطيط لرحلته قبل عامين من بدايتها الفعلية حيث سافر إلى استراليا بغية الحصول على المال ، عامان من العمل والادخار، ورغم أنه ادخر في هذين العامين 60 ألف يورو إلا أنه يظن أن رحلته حول العالم لن تكلفه نصف هذا المبلغ.

10984125_850975638321543_8578390017319496902_n 11036034_847255288693578_5830937970473155215_n

أكد لي بيير ثقته من سهولة تكاليف (رحلته) في احد مقاهي نواكشوط وقد خمن ذلك بعد أن قطع ما يربو على 25% من المسافة الكاملة لهذه الرحلة، وضرب لي مثلا أن تكاليف فترة إقامته في اسبانيا لم تتجاوز 200 أورو في شهرين.
بدأت رحلة بيير حول العالم في نهاية مايو من هذا العام حيث عبر روسيا بالكامل في اسبوعين على متن قطار وغادرها من بوابة سيبيريا نحو فيلاند (6 أيام) ثم استونيا(3 أيام) فالسويد(يومين) ، والتقط بعض الأنفاس في النرويج حيث قضى اسبوعين بين مرتفعات برايكيستولين وصخرة جيراغ،

10898066_847255008693606_2538010596954678773_n

مر باليونان ثم اطاليا والطريف في ما يحكيه أن اطاليا لم تكن في خطته لكن تذكر (اسباغاتي) ولأجلها قضى 4 أيام في اطاليا … مرفه بيير هذا ، أليس كذلك ؟!

 

11923256_879130385506068_6708258820211020703_n

حسنا!! ، لقد اعتذر عن نفسه بعد هذا الترفيه المخملي(زيارة إيطاليا من أجل السباغاتي)، حيث خاض رحلة على الأقدام طولها 1000 كيلومتر ، 40 يوما من السير على الأقدام على طول الشريط الحدودي بين فرنسا واسبانيا، انتهت مسيرة “الألف كيلومتر” بالتراشق بالطماطم في مهرجان (لاتوماتينا) الشهير الذي يقام في اسبانيا كل عام في الأربعاء الأخير من شهر اغسطس.
يصف بيير اسبانيا بالساحرة التي حبسته عن مواصلة رحلته مدة شهرين كاملين ثم غادرها إلى المغرب.

11923244_879990068753433_6061753290056760593_n

12011400_10206431215530597_5327298306261868325_n12049433_897604730325300_6077431070354839714_n (1)

كانت خطته أن يتابع في طريقه بين دول شمال افريقيا ثم الشام ثم العودة لمصر فالسودان متوغلا جنوبا حتى جنوب افريقيا (كما هو مبين في الصورة) لكنه قرر إبان فترة إقامته في المغرب (40 يوما) أن يتوغل جنوبا نحو موريتانيا.

11351343_833161666769607_3718557712183739713_n

سألت بيير عن أغرب حادثة صادفته في هذه الرحلة فأخبرني أن الأغرب كان هنا في موريتانيا، تعرض بيير لسرقة في احد النزل في احدى مدن موريتانيا وحين قدم لقسم الشرطة ليقدم شكوى لم يغير الشرطي من جلسته وظل يتابع عرضا تلفزيونيا، طلب بيير –حسب ماقال- قلما لتدوين شيء ما وحاول اقتناء قلم على الطاولة فنهره الشرطي… قضى بيير في موريتانيا 17 يوم زار خلالها شوم ونواذيبو واكجوجت ونواكشوط.
12065603_908344589251314_1102652823144546836_n             12187763_908339465918493_9143333451036744185_n                   11225077_908343495918090_5233264875286769868_n

حتى آخر حديث لي معه، بيير الآن (وقت كتابة هذه التدوينة) يتواجد في السينغال، يفكر في التوغل جنوبا حتى جنوب افريقيا ثم العودة شمالا باتجاه مصر فدول الشام فأوروبا ثم الطيران إلى أقصى نقطة من جنوب أمريكا الجنوبية ليتابع طريقه البري شمالا إلى أقصى شمال كندا، يتوقع بيير أن تستمر رحلته هذه لعامين آخرين في طريقه الطويل لكي يكون مواطنا عالميا.

فصول لا تنتهي من عنجهية الجنرال ومقربيه

لم تنطلي الخديعة البينة الزيف التي فبركتها الآلة الإعلامية (المتخلفة) للنظام العسكري حول حادثة رصاصة الجنرال والتي طلعت في إحدى أسوء الإخراجات في التاريخ لدرجة قد تجعل جوبلز يصيح ما هذا الغباء ؟! وجوبلز هو أحد أهم رواد الخدع والفبركات الإعلامية وتنسب له المقولة الشهيرة “اكذب اكذب حتى يصدقك الناس” ، لم تنطلي تلك القصة التي لم تحترم عقول المواطنين بل فاقت كل مستويات الاحتقار الممكنة لهذا الشعب ، ظلت قصص أكثر منطقية تتوارد بين الناس كان من بينها قصة حول قريبة للجنرال تربطها به علاقة “عاتفية” ولعل تلك العلاقة – حسب الإشاعة – تمددت إلى ما يجعل تلك الفتاة تغضب وتصل مرحلة اليأس ثم تلوح بمسدسها وتطلق رصاصة على الجنرال.

***
قبل حادثة رصاصة الجنرال بأشهر كان الفتى بدر (إبنه) يلهو بين أقرانه ويرفل في المليارات التي نهبها والده من أقوات الناس وصحتهم وتعليمهم، ولعل الفتى كان في حالة شبيهة بالسعار تلك الليلة حين فتح حوارا عنوانه الحب بالإكراه مع فتاة وعشيقها (صديقه) كان الإثنان نديماه في تلك الليلة، طرح بدر بين يدي ذلك الحوار سؤالا ومسدسا وما يكفي من جنون العظمة ثم أطلق رصاصة بشكل مباشر على فتاة حية ربما كانت قبل دقائق من تلك اللحظة التي اخترق البارود أحشاءها تضحك وتشعر بنشوة الصحبة وروعة مرافقة المشاهير وذوي السطوة.

***

بائع بقالة يقابل آلاف المشترين يوميا بجميع أنواعهم وعقدهم ومشاكلهم، لاشك أنه شارك في الكثير من الصراعات بالأيدي والسباب وربما ارتفعت إلى التلويح بالعصا أو بسكين الطبخ بأسباب متنوعة قد يكون من بينها خلاف حول برتقالة منتهية الصلاحية ينتهي ذلك الخلاف بأن يخرج المشتري وهو يتمتم (ذا العالم لاهي يخلى بيه عزة الرزق!!)، نفس البائع يفاجأ ذات يوم برجل مسلح يلوح بمسدسه ولا يكتفي بالتلويح فقط بل يرميه بالرصاص، والمشهور أن السبب كان أن هذا البائع (الوقح) رفض طلبا ما يتعلق ببرتقالة! ، برتقالة؟! نعم برتقالة، هذا الرجل هو قريب أيضا للجنرال وهو مسلح وله رخصة – السكوت عنه- في أن يرمي الناس بالرصاص خصوصا إن كانوا (وقحين) كصاحب البقالة .

***
كنت من المنزعجين كثيرا من تصرف بزرة وكنت استغرب العقوبة القليلة التي صدرت بحقه لكني الآن اسخر من نفسي فقريب الجنرال الحساس جدا تجاه البرتقال لا زال يتجول بنفس المسدس.

قبل أشهر قليلة قامت مجموعة أخرى من المقربين للجنرال بالتهجم على الصحفي حنفي ولد الدهاه واعتدوا عليه بالضرب وبعد تلك الحادثة بفترة قليلة تعرض لحادث إحراق سيارته ويرجح أنه ــ أي الحادث ــ هجوم ليلي من مقربين أيضا من الجنرال، ولا يجهل اليوم أي شخص في موريتانيا مستوى الاحتقار الذي يعامل به الجنرال موظفيه ووزراءه وكل من لديه سطوة عليه.
إذا هو زعيم “عائلة” (بالمعنى المافيوزي) لا يعرفون التعامل الطبيعي مع بني البشر، لا يعرفون معاملة الآخرين باحترام، لا يعرفون الإحساس بمعاناة الآخرين، لا يعرفون إلا ضيق أفقهم الذي يوحي لهم بسهولة سحب الزناد ماداموا في حل من العقاب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* (التدوينة هي تعليق على حادثة إطلاق النار على تاجر بقالة والتي قام بها قريب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وقد أطلق سراح الجاني بعد 3 أيام من الجريمة )

* بزرة هو ابن للرئيس الموريتاني السابق محمد خونة ولد هيدالة قام باطلاق النار على قوات أمن الطرق وحكم عليه بسنتين

* الجنرال لقب شائع للرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز

* بدر هو إبن الرئيس البكر سبق وأن أطلق النار على فتاة وتم تسوية الموضوع وأطلق سراحه بعد ساعات

الجنرال عزيز